روائع مختارة | قطوف إيمانية | التربية الإيمانية | أطفالنا وشاشة التلفاز

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > التربية الإيمانية > أطفالنا وشاشة التلفاز


  أطفالنا وشاشة التلفاز
     عدد مرات المشاهدة: 1973        عدد مرات الإرسال: 0


للإعلام دور كبير في تكوين شخصية الطفل والتأثير عليه سلباً أو إيجابا ًفي عصر المعلومات وإنتشار الأطباق الفضائية وذيوع ثقافة الصورة، ولاشك أن الطفل أسبق من غيره في التعرف وحب الإستطلاع كما أثبتت ذلك كثير من الدراسات العلمية وذلك لرغبته في أن يكون له صورة مختلفة عن البيئة التي يعيش بداخلها والعالم الذي هو في محيطه.

ولهذه القوة الجامحة المسلّطة من الإعلام على الطفل ولرغبة الطفل للتعرف والاطلاع تكونت علاقة وثيقة بين أطفالنا وشاشة التلفاز والتي تعد من أهم وأبرز مخرجات الإعلام الخطيرة، وهذه العلاقة وان كان في تكوينها فائدة كبيرة بالنسبة للإعلام من جهة المورد المالي، ونشر الأفكار والرؤى والتي يتأثر بها فكر المشاهد، وفائدة هي الأقل والأقل جداً للطفل وتكمن في نضوج فكرة وتنوع ثقافته وتعريفه على عالمه الخارجي.

إلا أن الضرر الناتج منها على الطفل كبير جداً وتزداد مساحة ذلك الضرر بإزدياد التوسع الإعلامي الرهيب وتنوع البرامج الخاصة للأطفال، وقدرة أصحاب تلك البرامج في الخروج بأعمال إبداعية تسحر الباب الأطفال، وتجذب أفئدتهم وتشدهم للمشاهدة ساعات طويلة بدون ملل أو انقطاع، وتتنوع أضرار شاشة التلفاز وتبعاته السلبية وآثاره الهدامة على أطفالنا بتنوع إهتمامات الأطفال ووضعهم الأسري والإجتماعي والصحي وسأذكر منها ما يلي:

أولا: ضياع الوقت وإهداره فيما لا ينفع.

إنما يعرض على شاشة التلفاز من برامج الأطفال وما يصاحبها من إغراءات ومغامرات وقصص الخيال وغيرها من ما يسحر عقل الطفل ونظره قد نجحت في سلب كثير من أوقات الأطفال خاصة في تلك السنين الأولى التي ينضج فيها عقل الطفل وينمو، وفي دراسة إمريكيه تقول إن الطفل يشاهد التلفاز بمعدل 23 ساعة في الأسبوع الواحد، وفي دراسة مصرية وجدت إن أطفال مدينة القاهرة يشاهدون التلفاز بمعدل 28 ساعة في الأسبوع الواحد، وسواء صدقت تلك الإحصائيات أم كان فيها نوعاً من المبالغة إلا إن المهم هو إن شاشة التلفاز فعلاً أخذت من أوقات أطفالنا الشيء الكثير وأصبحوا اسري لما يبث من مشاهد وبرامج على تلك الشاشة الجذابة، وصار ذلك الوقت مما يحسب سلباً على صحتهم وفكرهم وحياتهم بشكل عام، ونحن بذلك الوضع نشارك في إيقاع الظلم على أطفالنا وأوقاتهم الثمينة خاصة ونحن نعلم عن قيمة الوقت، وحرص شريعتنا الغراء على الإهتمام به، وأن المؤمن مسئول أمام الله عنه ومجازاً به، فكيف اذاً نربي أطفالنا على هذه القيمة الهدامة وهي ضياع الأوقات فيما لا ينفع ونحن نعلم إن أمامهم مستقبل يريد منهم جل أوقاتهم، وأمة ترقب من يتواصل مع منجزاتها ومشاريعها البناءة وقد قيل: إن الأفضل بناء الطفل بدلاً من إصلاح إنسان.

ثانياً: نشوء الأمراض النفسية والجسدية.

إن مواجهة الطفل لشاشة التلفاز لأوقات طويلة يعرضه لأمراض نفسية وجسدية متعددة، وتختلف هذه الأمراض بإختلاف مدة مكوث الطفل أمام الشاشة وقربه وبعده منها، وتأثره لما يعرض فيها من عدمه ومن تلك الأمراض حصول القلق والإكتئاب والشيخوخة الكبيرة والتي تنتج من التعرض للموجات الكهرومغناطيسية المنبثقة من شاشة التلفاز إضافة إلى ما يحصل من أضرار جسمية كزيادة الوزن وترهل العضلات وآلام المفاصل والظهر واني أعجب من إهمال كثير من الآباء والأمهات لأبنائهم بجعلهم أسرى لذلك الوحش الذي يأكل من أجسامهم ليل نهار وذلك بجلوسهم الطويل والممل أمام تلك الشاشة الجذابة.

ثالثا ً: زيادة معدل الخوف.

وذلك نظراً لزيادة المشاهد المرعبة على شاشة التلفاز من دماء وجرحى وقتلى وأسلحة وحيوانات مفترسة وأشباح....الخ، وكل ذلك يولد لدى الطفل شعور بالخوف المتكرر والدائم أحيانا وينزع منه الأمان الذي يستحق أن يتمتع به، بل هو حق واضح على الوالدين خاصة والمجتمع بشكل عام أن يمنحوه أطفالهم، ومكوث الطفل أمام هذه الشاشة بإستمرار يجعله يُؤمن بطبيعتها وإنها حتمية الحصول فتؤثر على مسيرته المستقبلية وشخصيته القادمة الأمر الذي يصاب من خلال ذلك الشعور بالإزدواجية في الشخصية والعقد النفسية المتكررة وهي تنمي فيهم أيضا الصفات السلبية كالحقد والكراهية وحب الانتقام.

رابعاً: فقدان الثقة لدى الطفل.

إن الطفل وهو يشاهد تلك الأفلام التي أخذت طابع العنف والإستبداد والقتل والخيانة تكوّن له نظرة سلبية تجاه أسرته ومجتمعه مما يؤدي إلى نزع كل أواصرالثقة وحبال الظن الحسن مع الجميع ويبدأ يتلبس بلباس الشك معهم وهذا يعني أيضا أن كراهيته لكل ما حوله قد تتكون من خلال ذلك الشك والظن السيئ بأفراد مجتمعه، وقد يتسبب الوالدين في حصول ذلك الشعور السيئ وهما بذلك يناقضان أهم أعمالهم الموكولة إليهم تجاه التربية ألا وهو بناء الثقة في نفوس أطفالهم وإشعارهم بأهميتهم، وإبعادهم عن أجواء الشك وإساءة الظن.

خامسا ً: تبلد مشاعر الطفل.

وعدم مبالاته لكل من حوله وعدم الإكتراث بكل ما يقدم له من أهله أو اقرأنه ودوام إحساسه بعدم أهمية ما يُفعل لأجله أو ما يواجهه في حياته.

إن ما يراه الطفل من صور ومشاهد على شاشة التلفاز تساعد على جذب كل حواسه وآلياته ساعات طويلة وعلى فترات مختلفة ومن صور ذلك التبلد وعدم المبالاة عدم سماعه لمناداة والديه له وعدم أحساسة بكل ما يقع حوله أو يتحرك، إضافة إلى عدم إهتمامه بأدواته وأغراضه الشخصية وعدم ترتيبه لها، وفوضويته في حياته.

سادسا ً: الإقدام على تناول التدخين أو المخدرات أو السموم وغيرها.

في كثير من المشاهد التي تعرض وللأسف الشديد تظهر التدخين على انه حل سريع ومهم للقضاء على المشاكل النفسية والهموم الإجتماعية وهناك أيضا من المشاهد ما يعرض المخدرات بأنواعها وكيفية بيعها وشراءها وترويجها، وأيضا كيفية تعاطيها وما يصور من أنّ من يتناولها يعيش في عالم آخر سعيد وكل تلك المشاهد يتقبلها عقل ذلك الطفل بدون وعي مسبق أو حصانة قبلية أو حتى تحذير أو تعليم من الوالدين يوازي ما يراه الطفل من تلك المشاهد فيحصل ما لا يُحمد عقباه وقد يصبح ذلك الطفل أسيراً للمخدرات والسموم، وقد أثبتت الدراسات أن من أهم طرق الانحراف لدى الفتين والفتيات في طريق المخدرات هو شاشة التلفاز وما يعرض فيها.

سابعاً: التسبب في إيجاد فجوة كبيرة بين الوالدين والطفل.

إذ أن تأثير شاشة التلفاز على وقت الطفل المشاهد يكمن في بقائه لفترات طويلة أمامها الأمر الذي يجعل مشاكسات الطفل وعبثه في حياته وأثاث المنزل تقل بنسبة كبيرة وهذا مما يريح الوالدين وخاصة الأم في مسألة المتابعة في المنزل والتنظيف إلا إن هذا يسبب الكثير من المشاكل بين الوالدين وطفليهما كعدم إهتمام كلا الطرفين بالآخر وعدم فهم نفسية الوالدين لطفلهما وقلة الوعي والحصانة التربوية من الوالدين للطفل وهذا كله يزيد من مساحة البعد بينهما.

ثامناً: إثارة الغرائز لديه مبكراً.

وهذا سببه مما يعرض في أفلام الرسوم المتحركة من قصص العشق والغرام ودفاع البطل عن حبيبته في أفلام الاكشن واللباس الفاضح وصور الضم والقبلات بين عناصر الفلم ذكوراً وإناثا وكل تلك الصور والمشاهد يتشبع بها عقل الطفل ويبدأ في تقليد ما يرى مع إخوانه وأخواته في المنزل أو في لباسه وتصرفاته ومعاملاته وهذا ينشئ خطراً عظيماً على ناشئة الأمة وذلك بعنايتهم بكل هم سافل أو أمر منحط حتى لا تجد من بينهم -إلا من رحم ربي- من يسمو بنظرته أو يرقى باهتمامه.

تاسعاًً: إفساد اللغة العربية لدى الأطفال.

إن ما يعرض من صور ومشاهد على شاشة التلفاز يصحب دائماً بلغة هشة إما أن تكون لهجة بلد معين ليست حتى بلهجة بلد ذلك الطفل، أو عربية مكسورة في الأداء والقول، ومن المؤسف أن تجد إهتمامات منتجي تلك الأقلام باللغات المحلية والدارجة على ألسن الناس وتغافلهم عن اللغة العربية الفصحى، وهذا مما يؤدي أيضا إلى إنحراف لسان الطفل إضافة إلى إنحراف فكرة وتوجهه وإهتماماته.

عاشراً: أن يتربى الطفل على العادات السيئة، والأنماط المشينة والأخلاق المنحطة.

من خلال متابعته الدائمة لشاشة التلفاز ومن تلك العادات والأنماط السهر على المعاصي والآثام، وعشق الفنانين والفنانات، والتعلق السيئ بالأفكار الهدامة، وتتبع العناوين المغرضة والتي يدعو أكثرها إلى التفسخ من الدين وضرورة الإنحلال من تعاليمه وعقائده فينشأ الطفل على تربية مهزوزة ومزدوجة تكون آثارها وخيمة على الطفل وعلى أسرته ومجتمعه.

الحادي عشر: حب الطفل لأدوار الخطر وعشقه لروح المغامرة.

وتنتج تلك المشاعر مما يراه من مشاهد متعددة تحكي قصص الجواسيس ورجال المخابرات والشرطة والأفلام البوليسية المختلفة، فيبدأ الطفل بتكرار ما يشاهده وفعله على ارض الواقع بدون تفكر في التبعات وعواقب الأمور مما يؤدي ذلك كله إلى خطر عظيم قد يؤدي بالطفل سواءً كان ذلك الخطر موتاً أو إصابة بليغة أو أضراراً بالآخرين وممتلكاتهم وهذا ما نعانيه الآن من شباب الأمة وواقعهم المتمثل في قصص التفحيط والغرام المتبادل وسرقة المنازل وحوادث القتل...الخ تلك المناظر المؤثرة.

الثاني عشر: تجميد عقل الطفل عن التفكير والإبداع، وتعطيل خياله عن الإختلاط وحب الإستطلاع.

ذلك أن من المعلوم لدى أهل التربية هو أن عقل الطفل بإستطاعته أن يبدع ويفكر وينتج أيضا لصفائه من المدخلات السلبية والأفكار المنحرفة، وما يعرض على شاشة التلفاز وخاصة للطفل بكل الأفلام الكرتونية التي ترسل رسائل سلبية لعقل الطفل المتمكنة في أن الخيال له حدود، وان الإختراع لا يستطيعه إلا القليل، وان العمل صعب ومكلف، وان نتاجه قليل، وكذلك تلك المشاهد التي تبرز الغباء وتحسنه لهم بصور طريفة ومضحكة فيتربى عقل ذلك الطفل على ما يستقبل من رسائل غاية في الخطورة، وهو بذلك يصبح طفلاً غير منتج وليس له القدر ة في أن يفكر أو يبدع.

الثالث عشر: حرمان الطفل من اللعب.

وذلك نتيجة ضياع وقته كله أمام شاشة التلفاز، وهذا يؤدي إلى ضيق صدر الطفل وكرهه لأصدقائه ورفضه لهم المشاركة في اللعب معهم، وحب الانطواء والعزلة، وسعيه وراء كل ما يبعث للراحة والدعة، وحبه للكسل والخمول ونبذه للعمل والسعي والحركة.

الرابع عشر: صعوبة تعامله مع التجارب والأحداث التي تواجهه في حياته.

وينتج عن ذلك عدم قدرته للمواجهة مع الآخرين وانعدام قدرته على حل المشاكل الحياتية التي تواجهه بين الفينة والأخرى وذلك كله بسبب ركونه إلى المشاهدات التلفزيونية والتي بعثت فيه الأمراض المتعددة والمختلفة الصحية منها والنفسية والاجتماعية وغيرها.

وأخيراً فإن علينا أن نعي خطورة هذه الشاشة الجذابة على عقول أطفالنا وأوقاتهم واهتماماتهم، وان نقدر حاجتهم لها بقدر ما يشبع رغباتهم في المشاهدة، وان لا نستهين بما تقدمه لهم من برامج وعروض مختلفة، ومرة أخرى فاني أقول أن على الوالدين أمانة عظمى في السعي بأولادهم إلى أمكنة الأمان وحمايتهم من كل ما يؤثر عليهم سلباً في حياتهم وتربيتهم بأن يكونوا عدة لدينهم ومجتمعاتهم.

وفقني الله وإياكم لطاعته، ورزقنا الإخلاص في القول والعمل والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله.

الكاتب: حسين بن سعيد الحسنية.

المصدر: موقع صيد الفوائد.